الجمعة, 22 أيلول/سبتمبر 2023 17:00

عناية واهتماما بالحرمين الشريفين وقاصديهما تخطت ٩٣ عاماً سهلت عليهم قضاء شعائر الله بكل يسر وسهولة

قيم الموضوع
(5 أصوات)
حظيت مكة المكرمة والمدينة المنورة باهتمام وعناية ولاة الأمر -حفظهم الله- في كل النواحي الدينية والعمرانية الحضارية والاهتمام بزوارهما ، حيث إنهما بقعتان مباركتان فيهما أعظم وأشرف مسجدين المسجد الحرام وفيه الكعبة المشرفة التي يتجه إليها المسلمون في صلواتهم الخمس ، والمسجد النبوي الشريف وفيه الروضة الشريفة وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقد بدأت هذه البلاد المباركة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-بوضع لبنة هذه العناية والاهتمام بأدق تفاصيلها خدمة للحرمين الشريفين وقاصديهما اتباعاً لهدي النبي المصطفى وسنته عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ومنها عمارتهم حيث ابتدأ العمل في تحسين وترميم الحرم المكي الشريف عام 1354هـ ، بعد أن تم تأسيس المملكة العربية السعودية مباشرة ، وقد شمل العمل صحن الطواف والمسعى وجميع أروقة وجدران ومآذن وقبب الحرم المكي الشريف وقام بإنشاء سبيلين لماء زمزم يضاف إلى السبيل القديم.
وفي عام 1348هـ وعند زيارته للمدينة المنورة -رحمه الله-ووقوفه على الحرم النبوي الشريف لاحظ تصدّعات وخدوش وتشققات على جدر وحوائط المسجد فأمر بعمل الترميم والتجديد اللازم لجميع مرافق الحرم النبوي الشريف , وفي عام 1368هـ أمر الجهات المختصة بالعمل على توسعة المسجد النبوي الشريف بعد أن ضاق على المصلين.
وقد استكمل أبناؤه الملوك البررة هذه المسيرة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، نذكر أولها مبادرة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – التي توسع به الاهتمام بالأماكن القريبة من الحرم المكي الشريف فتم إزالة مجموعة من العقارات المجاورة للحرم بعد تعويض أصحابها ليكمل ما بدأه والده في عمل التوسعة للحرم المكي الشريف , وكان من ضمنها بناء ثلاثة طوابق للمسجد وطابقين للمسعى وتوسعة صحن الطواف وتوسعة المطاف , وتم إنشاء الطرق التي تؤدي للحرم بعد تعبيدها وأهمها الشارع الذي يلي المسعى , إضافة إلى إنشاء سلّم كهربائي خاص للكعبة.
كان كثير الاهتمام – رحمه الله – بالحرم النبوي الشريف فأمر بعمل التوسعة له وكان يشرف على هذا الأمر بنفسه , وقد قدّم الكثير من وقته لهذا الأمر وقد أخذت الكثير من وقته ليرى بنفسه ما تم من أعمال وما بقي وما يحتاج منها إلى تعديل أو تبديل، وعليه فقد تم في عهده إكمال بناء توسعة المسجد النبوي الشريف على أتقن وأجمل شكل , واحتفل بمناسبة انتهاء أعمال توسعة المسجد النبوي الشريف في مساء اليوم الخامس من شهر ربيع الأول سنة 1375هـ .
وفي عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – أكملت مسيرة البناء للحرمين الشريفين وتواصلت قصة العناية والاهتمام بهما , فقد تم إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم ليتّسع صحن الطواف ووضع المقام في غطاء بلوري ، وذلك عام 1387هـ فقد أمر – رحمه الله – بنقل مصنع الكسوة إلى موقعه الجديد , وخصص له دعماً خاصاً ودعا له مجموعة كبيرة من الموظفين المميزين في مجال الحياكة والصناعة والتطريز , كما أمر – رحمه الله – ببناء مبنى خاصاً لمكتبة الحرم المكي الشريف .
وقد لاحظ – رحمه الله - تضاعف أعداد الحجاج فقرر إجراء توسعة جديدة للمسجد النبوي الشريف تمثلت في إضافة 35000 متر مربع إلى أرض المسجد ، ولم تتناول العمارة للمسجد نفسه ، بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلى كبير مظلّل يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة 5550 مترا مربعا وظللت كذلك، مما أتاح المجال لاستيعاب أعداد كبيرة من المصلين.
وفي عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – يواصل التاريخ نشر السير الناصعة والمواقف الخالدة في الاهتمام والعناية بالحرمين الشريفين , فقد أمر – رحمه الله - بصنع باب جديد للكعبة وذلك عام 1397هـ ، وآخر لباب السلم إلى سطح الكعبة من الذهب الخالص , وأسس أول برنامج صيانة ونظافة للمسجد الحرام عام 1398هـ , واستمر العمل في إكمال التوسعات المختلفة للحرم.

أما بالنسبة للمسجد النبوي فقد تم في عهد الملك خالد – رحمه الله – أعمال التوسعة الثالثة وكان من أسبابها أن وقع حريق كبير في منطقة مجاورة للحرم اسمها (القماشات) فمسح المكان كاملاً وتم تعويض أصحاب العقارات الموجودة فيه وضمّت الأرض إلى ساحات المسجد النبوي ، وظلّلت منها مساحة 43000 متر مربع على غرار المظلات السابقة وهيئت للصلاة فيها .وبذلك صارت المساحة الكلية للمسجد النبوي بعد التوسعة السعودية الأولى 16327 مترًا مربعًا.
واتخذ الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله - من لقب خادم الحرمين الشريفين وسام عز وشرف يسطره لـه التاريخ على صفحاته , فسخر كل إمكاناته وطاقاته لأعمال الخير، وعلى رأسها توسعة الحرمين الشريفين ، فاهتم بتعبيد الطرق وإنشاء الأنفاق وإقامة الجسور وتوفير المياه المبردة والمستشفيات المتنقلة في كل مكان ووسائل الاتصالات الحديثة ووسائل النقل المريحة المكيفة وتسهيل إجراءات الدخول والمغادرة عبر بوابات المملكة البرية والبحرية والجوية , كما اعتنى كثيراً بمواسم الحج واستقبال الحجاج وإكرامهم والسعي لراحتهم , وفي عام 1409هـ أمر رحمه الله بتوسعة المسجد الحرام في مشروع يعدّ من أضخم المشروعات على مدار أربعة عشر قرناً ، حتى أصبح المسجد الحرام يستوعب ما يقارب المليون و نصف المليون مصل في مواسم الحج و العمرة ورمضان , ومما صاحب ذلك من مشاريع جبّارة أن زيدت المآذن وجمعت الشبكات الكهربائية في غرف خاصة طرزت بأشكال جميلة , وكذلك تم تبليط سطوح الحرم والاستفادة منها لتكون للصلاة والطواف والسعي , وتبليط صحن الطواف بالرخام البارد , كما أمر – رحمه الله - بإنشاء خمسة سلالم كهربائية بالمسجد لتسهيل الصعود والنـزول إلى السطح والطابق الأول وبناء خمسة جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول والخروج منه من جهة الشمال. 

وأيضاً حظي المسجد النبوي الشريف بعناية الملك فهد - رحمه الله - حيث تمت توسعته في مشروع يعد من أكبر المنجزات للمسجد النبوي الشريف ففي شهر صفر من عام 1406هـ بدأ العمل بمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد النبوي الشريف وعمارته مع ما يتبعه من ساحات ومواقف للسيارات تحت الأرض، ومحطات ومبان للخدمات ليشكل أكبر توسعة في تاريخ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليتوج مشاريع الخير التي اعتمدت في السنوات الأخيرة , وتضمن مشروع الملك فهد لتوسعة المسجد النبوي الشريف إضافة مبنى جديد على مبنى المسجد يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة مقدارها 82,000م2 تستوعب 137,000 مصلٍ وبذلك أصبحت المساحة الإجمالية للدور الأرضي 98,500م2 تستوعب 167,000 مصلٍ، وتمت الاستفادة من سطح التوسعة للصلاة بمساحة قدرها 67,000م2 تستوعب 90,000 مصلٍ.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله – تم عمل أكبر مشروع تاريخي لتوسعة المسعى لتتضاعف مساحته أربع مرات , وكذلك تم توسعة صحن الطواف في عمل هندسي متميز , إضافة إلى مشروع جسر الجمرات الذي تم إنجازه بكفاءة وروعة وضخامة أذهلت كل من يراه ، وكذلك إنشاء قطار المشاعر والذي ساهم بشكل مرن وانسيابي في تنقلات الحجاج بين منى وعرفات ومزدلفة , وكذلك أمر بافتتاح قناتين فضائيتين تنقل بشكل مباشر من الحرم المكي والحرم المدني ولمدة أربع وعشرين ساعة حتى يرى المسلمون في جميع أقطار العالم المسجدين اللذين تشتاق نفوسهم إليهما.

ولا يقل اهتمامه – رحمه الله – بالمسجد النبوي عن المسجد الحرام فقد أمر بتوسعة الجهة الشمالية والشرقية لتبلغ الطاقة الاستيعابية إلى مليون و800 ألف مصل , إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها – رحمه الله -.
وفي هذا العهد الميمون , عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - يتواصل الاهتمام والمتابعة منه شخصياً لتذليل كافة العقبات في سبيل عمارة الحرمين الشريفين وسهولة الوصول إليهما وتوسعتهما ليؤدي حجاج ومعتمرو وزوّار مكة والمدينة مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان واطمئنان , وقد أمر – حفظه الله – بإكمال جميع التوسعات في الحرم المكي والتي بدأت في عهد الملك عبد الله – رحمه الله -.
ويتابع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الاهتمام بمشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها - أيده الله - وهي من المشروعات العملاقة ، حيث جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى 182 مظلة ، ثم الأمر بإضافة 68 مظلة في الساحات الشرقية ، وتغطي هذه المظلات مساحة 143 ألف متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع يصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على 800 مصل ، يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون وهذه المظلات صنعت خصيصًا لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية ، ولا يزال هذا الاهتمام متواصل حتى يومنا هذا.
٩٣ عاماً نجد أن هذه البلاد المباركة بقيادة ولاة الأمر الميامين حفظهم الله يسعون لمواكبة رؤية المملكة الطموحة ٢٠٣٠م لتحقيق التطلعات والاحتياجات التي تقدمها المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن وزوار الحرمين الشريفين والذي يجسد واقع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الذي يلمسه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في مواسم العمرة والحج كل عام.
ومر الحرمان الشريفان خلال الأعوام السابقة بالعديد من المشاريع التنموية والتطويرية والتي وجدت لها أولوية في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - ووجد اهتمامًا كبيرًا بحجّاج ومعتمري بيت الله الحرام من خلال استكمال أعمال توسعة المسجد الحرام بمعايير عالية تُحقّق سبل الراحة والطمأنينة لهم.
ففي حج عام 1437هـ، صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بالاستفادة من المواقع الجاهزة بمبنى التوسعة والساحات الخارجية الشمالية والغربية والجنوبية وأجزاء من الساحات الشرقية بمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة بها.
وشملت التوجيهات الكريمة الاستفادة من جميع الأدوار بمشروع خادم الحرمين الشريفين، ليصل استيعاب المسجد الحرام إلى مليون و850 ألف مصلّ، والطاقة الاستيعابية للمطاف تصل إلى 107 آلاف طائف في الساعة. 
وأمنت الخدمات الضرورية لتوفير الراحة لضيوف الرحمن وتجهيز دورات المياه والمواضيء، ليصبح العدد الإجمالي لها 16 ألفًا و300 دورة مياه وميضأة، مع توفير مشارب مياه مبردة داخل مبنى التوسعة والمطاف وفي الساحات الخارجية، وتشغيل السلالم والمصاعد الكهربائية لخدمة الحركة الرأسية ما بين أدوار المسجد الحرام، وتشغيل نظام التكييف والإنارة ونظام الصوت والمراقبة التليفزيونية وأنظمة مكافحة الحريق.
وتضمَّنت التوجيهات فتح باب الملك عبد العزيز وباب أجياد وباب إسماعيل وباب الفتح وباب العمرة، والاستفادة من 3 مناسيب من مباني الخدمات المصاطب المطلة على الساحات الشمالية وأنفاق المشاة المؤدية إلى منطقة جرول، بما فيها الأنفاق العرضية للمساعدة على وصول المعتمرين والمصلين إلى الحرم المكي الشريف أو انصرافهم منه، وهي الأنفاق التي تربط بين المنطقة الشمالية لمكة المكرمة والتوسعة المباركة.
ولتعظيم الفائدة من تلك الإجراءات جرى تشغيل الطريق الدائري الأوّل بمكة المكرمة بعد أن تم الانتهاء من تنفيذه ، بالإضافة إلى ربط الحرمين الشريفين بقطار الحرمين الذي يربط مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة مروراً بمطار الملك عبدالعزيز والذي يتوافد له أغلبية الحجاج والمعتمرين من خارج المملكة ، والكثير من المشاريع القائمة والمستقبلية التي ستسهل على قاصدي بيت الله الحرام والمسجد النبوي أداء نسكهم وعباداتهم بكل يسر وسهولة.
photo_5791730559792300835_y.jpgphoto_5791730559792300833_y.jpgphoto_5791730559792300843_y.jpgphoto_5791730559792300842_y.jpgphoto_5791730559792300827_y.jpgphoto_5791730559792300844_y.jpgphoto_5791730559792300832_y.jpg

قراءة 2491 مرات آخر تعديل في الخميس, 21 أيلول/سبتمبر 2023 15:26