الجمعة, 23 تموز/يوليو 2021 13:29

فضيلة الشيخ بندر بليلة في خطبة الجمعة : لقد ربَّاكُم الحجُّ على الصبرِ على الطاعات، وكبحِ النفسِ عن الوقوعِ في حَمْأةِ الهوى، والانزلاق في مكايدِ الشيطان.

قيم الموضوع
(0 أصوات)
أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الحرام فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بليلة فتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن الأيام العشر التي خلت فقال: لقد تَفَيَّأنا فيما خلا ظِلالَ خيرِ الأيام، أيامِ عشرِ ذي الحجة وأيامِ الحجِّ المباركات، لقد لَمْلَمتْ رِحالَها ومَضَتْ، وطوتَ خِيامَها وتوَلَّتْ، بعد أن أتْحَفتْنا بالنعم الكريمة، والرَّحَمَاتِ العظيمة، وحمَّلْناها ما عَمِلْنا فيها من الأعمال، فهنيئًا لِمَن فاز فيها ونُعمى، وتَعْسًا لِمَن حُرم فيها وبُوسى.

ألا وإن من أعظم ما ينبغي أن يظفرَ به المسلمُ من ثمارِ تلك الأيام الجليلةِ وآثارِها: استدامةَ الأعمالِ الصالحات، فما أجمل الطاعةَ تعقُبُها الطاعات، وما أحسنَ الحسنةَ تتلوها الحسنات، وما أروع تَتَابُع أعمالِ البِرِّ منتظمةَ الأطرافِ مُتتابعةَ الحَلْقات؛ إنها الباقياتُ الصالحات (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملا)، (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مَرَدَّا).

إن استدامةَ الطاعةِ ومواصلةَ العبادةِ أَمارةُ الخير، ومَئِنَّة التوفيق، ودَلالة القبول، قال تعالى: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشدَّ تثبيتاوإذا لآتيناهم من لدُنَّا أجرا عظيماولهديناهم صراطا مستقيما).

ثم تحدث فضيلته عن الهدى وأنه لايقتصر بزمان ولا مكان فقال: إن سبيلَ الهُدى لا يتحددُ بزمان، وإن عبادةَ اللهِ ليست قصرًا على بُقعة أو حَصرًا على مكان، قال الحسنُ البصريُّ رحمه الله: (إن الله لم يجعلْ لعملِ المؤمن أجلًا دون الموت) ثم قرأ: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).

إن ميادينَ الطاعةِ رَحْبة واسعة، من صلاة وصيام واعتمار، وقراءةِ قُرآنٍ وذكر وصدقة، وما شَرَع اللهُ فريضةً إلا وشَرَع من النافلة مثلَها؛ ليغنَم العبدُ الأجرَ والثواب، ويحسُن له المُنقَلَبُ والمآب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورِجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، وإن استعاذني لأعيذنَّه).

واختتم فضيلته خطبته الأولى عن المداومة على العمل الصالح فقال: وإن المداومةَ على العملِ الصالحِ ولو كان يسيرًا خيرٌ من عملٍ كثيرٍ منقطع، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أدومها وإن قل) أخرجه البخاري ومسلم.

وسأل علقمةُ عائشةَ رضي الله عنها فقال: يا أمَّ المؤمنين: كيف كان عملُ رسول الله؟ هل كان يخُص شيئًا من الأيام؟ قالت: (لا، كان عملُه ديمة، وأيُّكُم يستطيعُ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستطيع؟) أخرجه البخاري ومسلم.

قال الحافظُ ابنُ حجرٍ رحمه الله: (الأَوْلى في العبادة القصدُ والملازمة، لا المبالغةُ المفضيةُ إلى التَّرْك؛ كما جاء في الحديث الآخر: المُنْبَت، أي الُمجِدُّ في السير، لا أرضًا قطع، ولا ظهْرًا أبقى) انتهى كلامُه.

ثم تحدث فضيلته في خطبته الثانية عن دروس الحج فقال: لقد خرجتم مِن مدرسة الحج بأنفع الدروس وأزكاها، ونَهَلْتم من معينِهِ أهنأَ المشارِبِ وأرْواها، لقد رأيتمْ قيامَ هذه الشعيرةِ الجليلةِ على التوحيد، فلا يُعبَد إلا اللهُ وحده، ولا يُدعى غيرُه، ولا يُطافُ ويُنحَرُ إلا له جلَّ جلالُه.

لقد ربَّاكُم الحجُّ على الصبرِ على الطاعات، وكبحِ النفسِ عن الوقوعِ في حَمْأةِ الهوى، والانزلاق في مكايدِ الشيطان، إنكم مأمورون إثرَ ذلك بالمداومة على الصالحات، والاستقامةِ على المأمورات، والبُعد عن المحظورات، قال تعالى مُخاطِبًا نبيَّه عليه الصلاةُ والسلام: (فاستقم كما أُمرت) وعن سفيانَ بنِ عبداللهِ الثقفيِّ رضي الله عنه قال: (قلتُ يارسولَ الله: قُل لي في الإسلام قولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدك) قال: (قل: آمنتُ بالله فاستقم) وعن ثوبانَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: (استقيموا ولن تُحْصُوا) أخرجه الإمام أحمدُ وابنُ ماجه، قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: (أعظمُ الكَرامة: لزومُ الاستقامة).

وسَلُوا الله الرضا والقبول، وارجُوه الهُدى والسداد؛ قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (قُل: اللهم اهْدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتَكَ الطريق، والسدادَ سدادَ السهم) أخرجه مسلم.

b154a2e8 2940 4783 a772 0b15bca75585c268edeb 48af 4e76 8680 1bbacd04bef45565693d 8d11 4f0b 90da b668a65bc30153fce239 8766 4ea5 9f08 384740f58e0739cfaa37 1f6b 443d 9fd2 aab6cbd874ad9bd35491 095c 4c17 ab16 04cbeb62984d2cb85237 c33c 417a 96a6 402491033e1d012a5b9a 5468 4c3e 8471 b2d7b2c08f82
قراءة 2182 مرات